الآثار النفسية لمجتمع ما بعد (داعش)

حسين بن خليل

ولت داعش وعلى الجميع تحمل المسؤولية وعد الخسائر لحرب خاضها العراقيون بالنيابة عن العالم اجمع , فحجم التضحيات كبير جدا وعلى كافة الاصعدة السياسية منها و الاقتصادية و الاجتماعية ولا يمكن إحصاء هذا الكم الهائل من الخسائر بكيفية تقليدية او ان يكون بنتائج و توصيات قوامها عدة وريقات في فايل يزين خزنة رئيس الهرم ,
هذه التضحيات لا بد لها تأثيرات نفسية و سلوكية على افراد المجتمع تنعكس على الجمع بصورة مباشرة من خلال الاكتساب اذ من المعروف والمتفق عليه ان الفرد ما ان ينخرط في جمهور معين حتى يأخذ سمات خاصة ما كانت موجودة فيه سابقًا أي عكسية العلاقة بين الفرد والمجتمع وبالتالي يحدث تبادل في الادوار بالنسبة للآخذ والعاطي فالدور الذي يلعبه الفرد في مجتمعه يتأثر في الحالة النفسية والمعرفية وبالتالي ستتأثر تغذية المجتمع من حيث السلوك و الافكار وهنا ستكون آثار الحروب بشكل عام والحرب على داعش بشكل خاص كونها حرب داخل المدن تأثيرا مباشر على المجتمع ولابد من حصر انعكاساتها وبالتالي البدء بالبرامج الضرورية للمعالجة .
بالحقيقة إن آثار حرب داعش على المجتمع والفرد أكثر تعقيدًا مما نتخيل كونها امتدت الى فئاته كافة خاصة في المدن التي رفعت فيها راية داعش أي ان هذه الحرب إنعكست على الاف العائلات التي نزحت إلى المخيمات خاصة الفقيرة منها و الآثار الجسدية او العضوية للمقاتلين التي تمتد الى الآثار النفسية والعقلية و التي قد تبقى وتمتد الى سنين طويلة حتى بعد ان تشفى الجراح وتختفي , بالإضافة الى الكم الهائل من الاطفال الذين تعرضوا لهذه الحرب وما سيعانون من آثار نفسية . ولما كانت نسبة المتاثرين بالحرب على داعش هي النسبة الاكبر بين المجتمع العراقي على اعتبار ان المناطق التي سيطر عليها داعش تأثرت مباشرة بهذه الحرب تشير الدراسات إن نسبة كبيرة منهم يحتاجون الى إستشارات نفسية بالاضافة الى المقاتلين و عوائل الشهداء وهنا يمكن تصنيف المتأثرين بحرب بداعش الى ( النازحين في المخيمات – سكان المناطق المحررة اللذين لم ينزحوا وبقوا تحت تأثيرات داعش مباشرة – النساء اللاتي خضعن الى الاغتصاب وجهاد النكاح – المقاتلين الذين انخرطوا في صفوف القوات الامنية والحشد الشعبي وحشد العشائر – الكثير من البحوث والدراسات توصلت الى إن الاطفال اللذين تعرضوا لمخاطر الحروب وعايشوها معرضون بشكل خطير للإصابة بالمشاكل النفسية والعقلية التي يمكن إن تمتد سنين طويلة إن لم تمتد طيلة العمر – عوائل الشهداء – الارامل والاطفال – معوقين القوات الامنية والحشد الشعبي )
تبدا الآثار الاجتماعية للحرب في غالبية الحالات بتطور الاضطراب النفسي المعروف (بإضطراب ما بعد الصدمة) التي يرافقها العديد من العوامل التي يسهل ملاحظاتها وتمييزها كعدم النوم او الارق او الإكتأب والغضب الشديد او التفكير بالانتحار او ايذاء النفس او حالة التوقف عن التواصل الاجتماعي وصعوبة التعاطي مع الاسرة و الوسواس القهري الذي يعد من اكثر الحالات النفسية شدة يكون فيها المصاب في حالة صراع ذاتي دائم من خلال التفكير في الموت او الجنون او انهيار كينونته امام الاقارب والاصدقاء , هذا الصراع يترتب عليه ظهور اعراض الخوف والهلع وفقدان التوازن والتي تجعل الفرد في حالة انعدام للثقة وقلق مستمر تجعله انطوائي الى حد ما يجعله منعزل عن العالم الخارجي وهذا الامر سينعكس على العائلة وبالتالي المجتمع اذ ان هذه الحالة تحدث في المجتمعات الطبيعية بنسب عالية فكيف واذا حدثت في مجتمعات عانت من ويلات الحروب أي ان النسب ستزداد مقارنة بالظروف الاعتيادية , وهنا بتزايد اعداد المصابين بالحلالات النفسية ستعطل الكثير من الطاقات البشرية التي منتظر منها ان تكون فعالة ومنتجة داخل الجمع .
هذه الاثار تتطلب من الجميع وخاصة الفئات المتصدية للعمل المجتمعي والصحي والمنظمات ان تعمل بجهد للوقوف على هذه الحالات وتحديدها و الاستعانة بالخبرات الطبية لعلاجها وفق برامج وضعت من اجل التأهيل النفسي والتي غالبا ما تكون ناجحة في معظم الحالات موضوع البحث من خلال تطوير بعض الاساليب لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة منها العلاج المعرفي او ما يعرف (بالعلاج المعرفي السلوكي) والذي يعد بالأكثر فعالية اذ تم استخدامه بعد الحرب العالمية على الجنود المشاركين في الحرب , يقوم على تغيير افكار وسلوكيات المريض السلبية وتحويلها الى إيجابية من خلال عدة خطوات منها واهمها الاعتراف الصريح للمريض بانه مصاب باضطراب ما بعد الصدمة ومن ثم تحديد الافكار السلبية وغير الصحيحة و اعادة تشكيل هذه الافكار من خلال بنيانها على انها اوهام لابد من عدم الاستجابة لها وفي النهاية اعادة التقييم للذات من خلال مكافأتها في حالة حدوث حالة التقدم في الطريق للعلاج وذلك يتطلب منا كمجتمع فتح المؤسسات ومراكز التأهيل النفسي والاعتراف بهذه الحالات على انها حالات طبيعية يجب التعاطي معها لا تركها تتعاظم وتستفحل وبالتالي ستنعكس اثارها على الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام .

آخر الأخبار