عراقيون تضيق عليهم الارض بما رحبت

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات الأمريكية رحّلت 30 شخصا على الأقل إلى العراق من أصل 1,400 من أصول عراقية، مع تهديد بعضهم بالسجن لفترات طويلة في حال عدم موافقتهم على الترحيل. في جميع الحالات التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، يفتقر المبعدون لوثائق هوية صالحة، ما يعرضهم لخطر الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة في العراق.

 

قبل “حظر السفر” الذي أصدره الرئيس ترامب في يناير/كانون الثاني 2017، لم تكن الحكومة العراقية تقبل أي مواطن مُعاد قسرا. لكن بعد فترة وجيزة من الحظر، الذي منع مواطني 7 دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، ومنها العراق، وافق العراق على استقبال طائرة صغيرة تضم مبعدين وعلى تسهيل ترحيلهم. أزال البيت الأبيض لاحقا العراق من القائمة.

 

قالت لما فقيه، نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “أي شخص يعيش في العراق بلا وثائق هوية عراقية صالحة عرضة للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة. على “وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك الأمريكية” وقف جميع عمليات ترحيل العراقيين حتى تحصل على ضمانات بعدم تعرضهم للاعتقال وسوء المعاملة. على العراق ضمان منح جميع المبعدين العراقيين وثائق هوية عراقية صحيحة قبل عودتهم”.

 

في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2018، قابلت هيومن رايتس ووتش 6 رجال رُحِّلوا إلى العراق بين مايو/أيار وأغسطس/آب. قال 3 منهم إن عناصر وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك (الوكالة) والممثلين القنصليين العراقيين اتصلوا بهم خلال احتجازهم لدى إدارة الهجرة، وهددوهم بالسجن لسنوات إن لم يوقعوا على الأوراق العراقية بالموافقة على الإبعاد. قال اثنان إن عنصرَيْ الوكالة اللذين رافقاهما من الولايات المتحدة إلى البحرين كرّرا تهديدات فضفاضة في حال المماطلة في العودة، وأجبراهما على التوقيع على وثائق لا تزال طبيعتها غير واضحة.

 

قال رجل عمره 26 عاما إنه، قبل أن يستقل طائرته من البحرين إلى بغداد، طالبه العنصران من الوكالة اللذان كانا يرافقانه من الولايات المتحدة بتوقيع وثيقة. بحسب ما يذكر، قال له أحد العنصرين: “إذا لم توقع على الأوراق، سنرسل إيميل إلى الحكومة العراقية ونبلغهم عن نوع الجرائم التي ارتكبتها وكيف رحّلناك، ستسجن هناك والله أعلم إلى متى سيبقونك. في السجن، سيشاهدون رجلا لديه وشم مثل هذا وسوف يغتصبونك”.

 

رحّلت الوكالة شخصا واحدا على الأقل في انتهاك لأمر محكمة صدر في أغسطس/آب وفقا “للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية” (الاتحاد)، الذي يتفاوض على عودة هذا الشخص إلى الولايات المتحدة.

 

بعد موافقة العراق على استقبال المبعدين، اعتقلت الوكالة أكثر من 300 عراقي واحتجزتهم. أُمروا بالرحيل رغم إقامة العديد منهم بصورة قانونية في الولايات المتحدة لعقود وامتلاكهم روابط عائلية ومجتمعية واسعة هناك.

 

وثقت هيومن رايتس ووتش لفترة طويلة عدم أخذ نظام الهجرة الأمريكي بالاعتبار العلاقات الأسرية والعلاقات طويلة الأمد الأخرى في قرارات الترحيل. أُمر البعض بالمغادرة لإدانات جنائية، بما فيها جرائم وجنح قديمة. بموجب القانون الأمريكي، يمكن ترحيل حتى من يحمل إقامة دائمة شرعية لدى ارتكابه واحدة من طيف واسع من المخالفات، حتى البسيطة منها كحيازة الماريجوانا. أُمر آخرون بالمغادرة لمخالفات الهجرة، مثل تجاوز مدة التأشيرة. يواجه 1,100 عراقي إضافي تقريبا لم يُعتقلوا احتمال الاعتقال والترحيل. وفقا للاتحاد، أبعدت الوكالة 30 شخصا على الأقل من بين أكثر من 1,400 عراقي صدرت أوامر بترحيلهم.

 

رفع الاتحاد دعوى قضائية جماعية، واستصدر أمرا قضائيا أوليا في 24 يوليو/تموز 2017 بتعليق ترحيل نحو 300 عراقي على امتداد البلاد. تبين مستندات أُفرج عنها مؤخرا في دعوى الاتحاد أن الوكالة، في معارضتها الإفراج عن المعتقلين، قدمت معلومات مضللة بالقول إن العراق مستعد لاستقبالهم. في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، قضت المحكمة بأن الوكالة قدّمت أدلة “زائفة بشكل ظاهر” لإبقاء العراقيين محبوسين. وأمرت المحكمة بأنه ما لم يتم إبعادهم من قبل الوكالة بحلول 20 ديسمبر/كانون الأول أو في حال وجود ظروف استثنائية أخرى، يجب الإفراج عنهم. أُفرج عن العديد من المعتقلين في أواخر ديسمبر/كانون الأول، لكنهم ما زالوا عرضة لخطر الترحيل في المستقبل. 

 

أقر جوزيف دارو، محامٍ عن الوكالة، في 24 أكتوبر/تشرين الأول في المحكمة بأن هناك اتفاقا بين الولايات المتحدة والعراق لترحيل جميع المواطنين العراقيين الحاصلين على أوامر إبعاد، وهم حوالي 1,400 شخص، كثيرون منهم لا يريد العودة.

 

تدرس دول أخرى أيضا ترحيل العراقيين. في أواخر ديسمبر/كانون الأول، نقلت وسائل إعلام عراقية أن هولندا قد بدأت بترحيل العراقيين إلى العراق، بدءا بأسرة لم تتمكن من تقديم أي وثائق صالحة عند وصولها إلى أربيل. وقد أعربت دول أخرى، منها ألمانيا، عزمها فعل الشيء نفسه.

 

الأشخاص الذين لا يحملون وثائق هوية أو أوراق سفر من المرجح أن يتم احتجازهم إذا أُوقفوا عند نقطة تفتيش. هذا يعرضهم لخطر الاحتجاز والتعذيب، وهو أمر منتشر في مراكز الاحتجاز العراقية.

 

كتبت هيومن رايتس ووتش إلى محمد طاهر الملهم، مدير مكتب حقوق الإنسان في المجلس الاستشاري لرئيس الوزراء العراقي، في 12 ديسمبر/كانون الأول، تستفسر عن موقف العراق من العودة القسرية.  سألت هيومن رايتس ووتش عما إذا كانت الحكومة تتخذ أي خطوات لمنع موظفيها القنصليين في الولايات المتحدة من إجبار العراقيين على العودة بتهديدهم بالحبس لسنوات، وما إذا كان الموظفون القنصليون يصدرون وثائق صالحة للعائدين ويضمنون عدم احتجازهم. لم تتلق هيومن رايتس ووتش ردا.

 

كتبت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى رون فيتييلّو، القائم بأعمال مدير الوكالة، في 17 ديسمبر/كانون الأول، تستفسر عن الخطوات التي تتخذها الوكالة لضمان عدم قيام عناصرها بإجبار العراقيين على العودة إلى العراق بتهديدهم بالسجن لسنوات، وعدم قيامها بترحيل العراقيين ما لم يحصلوا على هوية عراقية صحيحة من العراق. لم تتلق ردا.

آخر الأخبار