(الكسكس) يتسبب بازمة دبلوماسية بين المغرب والجزائر

#محمد_شفيق

تختلف اوروبا حول التاريخ الحقيقي لنشأت الانسان ومن عاش قبل ادم وحواء, وتختلف روسيا واميركا حول ملكية الكواكب الفضائية ومن الاحق في العيش عليها بعد استكمال استكشافها, ويختلف الشيعة والسنة على من هو الاحق في خلافة الرسول بعد وفاته, جميعها اشكالات قد تفضي الى حلٍ في يومٍ من الايام, لكن ان يختلف المغربيون والجزائريون على ” الكسكس” , فهذا حقٌ رباني للرجال لا يُسكت عليه, ولن يكون التنازل عليه بسهولة.

(الكسكس أو الكُسْكسي)

هو وجبة مغربية تقليدية. يصنع الكسكس من طحين القمح أو الذرة في شكل حبيبات صغيرة، ويتناول بالملاعق أو باليد. يطبخ بالبخار ويضاف إليه اللحم، أو الخضار، أو الفول الأخضر المقور، أو الحليب، أو الزبدة والسكر الناعم حسب الأذواق والمناسبات. وكذالك في المغرب يحضر الكسكس مع أنواع اللحوم الحلال واللفت و البدنجان و القرع الأحمر ويقدم هكذا بالمرق، أما باللبن فيقدم بدون مرق أو خضر فقط الكسكس باللبن.
وهو من الوجبات الرئيسية والمعروفة منذ القدم والتي لا تغيب طويلاً عن المائدة فهناك من يطبخها يومياً، وهي أكلة شائعة في أغلب مناطق شمال أفريقيا (المغرب – الجزائر – موريتانيا – تونس – ليبيا) وبجزيرة صقلية بإيطاليا وحتى في فرنسا حيث يمثل ثاني أكلة مفضلة لدى الفرنسيين.

إذاً هذا الطبق المثير للغريزة فجر خلافاً عقيماً بين دول مغربية تسعى جميعها، إلى إدراج طبق “الكسكس” التقليدي الشهير، ضمن قائمة التراث العالمي، باعتباره تراثاً مشتركاً، في تعاون هو الأول من نوعه.
وهذه هي المرة الأولى التي تبادر فيها الدول المغاربية إلى السعي نحو تصنيف تراث مشترك بينها على قائمة التراث، بينما لم يتضح على الفور الأفق الزمني الذي تعتزم فيه الدول المغاربية التقدم بهذا الطلب رسمياً لليونسكو للنظر فيه.
وفي السنوات الخمس الاخيرة, كشف باحثون جزائريون إنّ “الكسكس تراث مشترك بين دول المغرب ودول شمال إفريقيا، أصله بربري أمازيغي”، وأنّ الكسكس وجد عند السكان الأصليين لشمال إفريقيا قبل تقسيمها إلى دول، حيث وجد في مصر وموريتانيا وليبيا وتونس والمغرب والجزائر, ويرجع تاريخه إلى الفترة 202-148 قبل الميلاد حيث تم العثور على أواني طبخ تشبه تلك المستخدمة في تحضير الكسكس في مقابر تعود إلى فترة الملك ماسينيسا (238 ق.م-148 ق.م) .
والملك ماسينيسا هو موحد مملكة نوميديا وعاصمتها سيرتا (محافظة قسنطينة اليوم) وكانت تضم شمال الجزائر ومناطق من تونس وليبيا.
وذكر رحالة ومؤرخون كثر “الكسكس” في أعمالهم منهم المؤرخ الفرنسي شارل اندري جوليان (1891-1991) في كتابه “تاريخ شمال إفريقيا”.
وقال المؤرخ الفرنسي: “اشتهر البربر في كل العصور بقوة بنيتهم وطول أعمارهم،.. وكان الفلاحون يأكلون الكسكس منذ ذلك العهد (الروماني) ومربو المواشي قليلاً ما كانوا يذبحون حيواناتهم بل يكتفون بلبن المعز وكانوا يؤثرون الصيد والحلزون والعسل ولا يشربون إلا الماء”.
كما سمحت عملية تنقيب وحفريات بمحافظة تيارت (غربي الجزائر) بالعثور على بعض الأواني منها القدر المستعمل في تحضير الكسكس ويعود تاريخها للقرن التاسع بحسب خبراء.
ورغم محاولات التقارب, إلا ان “الكسكسي” ابى ان يرضخ لصراع الرجال, فقد تسبب مذاقه وطعمه ورائحته بحربٍ دبلوماسية بين مراكش والرباط, حيثُ حذر رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، من إعلان “الكسكس” طبقًا غذائيًا مغربيًا، داعيًا منتجي العجائن المحليين إلى إثبات العكس, وتأتي تصريحات أويحيى خلال إشرافه على معرض الإنتاج الجزائري قبل اسبوع حيث أظهر انزعاج الجزائر من تحرك الحكومة المغربية صوب منظمة “اليونسكو”، ومسارعتها في إعلان “الكسكس” طبقًا محليًا.

وفي حال لم يتوصل الطرفان الى حلٍ مرضىٍ بين الجانبين, سيكون القرار بيد “الكسكسي” , حيث سيكون له كامل الحرية في اختيار رجل الدولة المناسب لها, او اللجواء إلى جامعة الدول العربية للتحكيم بينهما .

آخر الأخبار