زاير وحماره ابو صابر … ضياء واجد المهندس

بعد ان حضرت جانب من مؤتمر حول تطوير القيادات الجامعية والتعليم المستمر في وزارة التعليم العالي، كنت محبط لعدم مواكبتنا الرؤى و التقانات الحديثة في التعليم المستمر والذي بدات المحافل الجامعية بادخال التعايش الافتراضي والاختبارات الالكترونية الافتراضية والذي دفع بعض الجامعات المتقدمة تصنيفا” الى ربط التعليم المستمر في مسارات و شعب الريادة و الابتكار لمواكبة التطور السريع في التكنولوجيا والادارة والاقتصاد وووو….، التقيت صدفة بصديق الماني الجنسية ،كنت ازوره في فرانكفورت كلما ذهبت لاوربا للمشاركة في مؤتمرات دولية علمية وكان دائما ما ينصحني بالهجرة وترك البلاد لاساطين الفساد ، بعد العناق ،سألني : بعدك بالعراق ، الم تكتمل لديك القناعة بالهجرة ، اجبته : انا اخر من يترك العراق ،ولن اركب سفينة نوح الا اذا هاج الماء وطغى علينا الطوفان …
تذكرت قصة نشرتها منذ اكثر من سنتين على رجل بسيط اسمه زاير ،كان حمال في بغداد في بداية القرن الماضي ، وكان يعتاش على نقل خضروات الناس والمواد من الاسواق الى بيوتهم مستخدما حماره الذي كان يسميه ( ابو صابر ) لانه صبر مع زاير على مدى ١٥ عام ..
في يوم منعت الجندرمة العثمانية مرور زاير وحماره ابو صابر عبر الساحة الكبيرة قرب القشلة لكونهم سيقومون ببناء (مدرسة) توجيهية هناك، وعندما سألهم زاير عن الفائدة من التوجيهية ، قالو له : انها تعلم الناس ، وتجعل حتى الحمار يتكلم عصملي ويقرأ ويكتب ..عندما رجع زاير تذكر صبر ومكابدة الحمار ابو صابر معه وان الاوان قد آن ليرسل الحمار الى الجندرمة ليبني معهم التوجيهية ويتعلم الحمار ابو صابر اللغة العصملية والقراءة والكتابة ..في اليوم التالي سلم الحمال زاير حماره ابو صابر الى الجندرمه وعاد يحمل اكياس الخضروات والفواكة والمؤن بيديه وينقلها الى بيوت الناس ..بعد ٥سنوات وبعد ان اكتمل بناء التوجيهية و دوام الطلاب بها ، ذهب زايرمشتاقا” لمقابلة حماره ابو صابر ..استوقف الجندرمة الواقف على باب التوجيهية زاير وساله ماذا يريد ؟؟ ، قال زاير : اريد ان ارى رفيق عمري ابو صابر ..بعد الحاح دخل الجندرمة الى التوجيهية وخرج ومعه افندي ..نظر زاير وقال للافندي : منو جنابك ؟؟؟
قال الافندي : المدير ابو صابر .
قال زاير : ملعون ابو صابر ،صاير ادمي ، قاط وباينباغ ( رباط ) ، راحت عليك ايام الجت والعاكول ..
لم يتحمل الافندي مدير المدرسة كلام زاير فرفسه رفسات عصملية ولن يتركه الا بعد ان قام الجندرمة والناس الذين اجتمعو على الرفس العصملي وهم يتعاطفون مع زاير الذي ما انفك يقول : الرفس رفس الحمار ابو صابر ، بس المعلون صار ادمي وصار يحجي ،بس مادام ابو صابر خلوه مدير ،وصار براسه خير ،انا مرتاح لان الله وفقه بعد ما حمل كل مخضر السوق…
كنت كتبت هذه القصة بعد ان صرح وكيل وزير التربية علي الابراهيمي بان لديهم مطايا معلمين وقلت : كم فينا من الحمال زاير ، مقتنع ان المعلم ابو صابر …
احتاج نوح نداء ليركب معه في سفينته كل الحيوانات من جمل وضفدع وافعى و اسد وصرصر وحمار ووووو..، لكنه احتاج الف عام ليركب معه ابن ادم …لان الجميع ركب الى سفينة النجاة بالغريزة الا الانسان كان يتأمل كيف ممكن ان يركب الطوفان …
لنا وللعراق و لزاير
ربنا القوي القاهر
أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

آخر الأخبار