امرأة في حياتي..لن انساها حتى مماتي..

تحياتنا الخالصة…

كان صباحا” باكرا” ،عندما طرق بابي احد المعارف حزينا والدمع قد رسم الالم في عينيه وقال : ان والدتي توفت وقد ارسلتني خالتي لاخذ امانة استودعناها عند والدتك قبل وفاتها وهي دفنة امي ..اتصلت باخواتي لاستفسر منهن ،فلم اجد اجابة تؤكد وجود امانة ، ولكني اعرف ان والدتي كانت ترسلني منذ كنت شابا” لارسل مبلغ من المال في ظرف ( مبلغ الدفنة ) في كل وفيات هذه العائلة ..بعد ان بادلته التعزية اعطيته المبلغ وقلت هذا مني ، ان كان لديكم امانة لدى والدتي المرحومة فهو ابراء ذمة لها ، على ان تقسم خالتك على ذلك او اعتبره دين ..بعد شهرين جائني ابن الفقيدة واختها وبيدهم ظرف ، وعرفت انه جاءا لرد ما اخذوه مني ، اعطيتهم مبلغ من المال كواجب اداء الفاتحة و سألت اخت الفقيدة : لكني كنت ومنذ ثلاثين سنة اسلم لكم مبلغ الدفنة ، قالت لي : امك يرحمها الله كنت ترسل المال تقربا” الى الله ولم تقبل باسترداده …ذهبا دون ان اكلف خاطري بان اتبرع لهما بالمبلغ الذي سدداها لي اسوة بوالدتي ، وبقت اشعر بذكرى الندامة ، لاني لم اكن بايمان وتقوى امي…
كان جارنا سيد موسوي ، شيوعي الانتماء ، ملحد الاعتقاد ،وكنت في نقاشات حادة معه حول وحدانية الله ورسالة محمد (ص)، و كان صوتي يعلو عليه ويصل الامر بيننا في نقاشات الشباب الى الغلط والسباب… كانت كثير ما تعنفني على الاساءة للملحد السيد لانها تعتقد ان علي اكرامه لنسبه لجده و لكونه موسوي ،فان اساء فعلى نفسه ، وعلينا الاحسان له تقربا لرسول الله حتى وان كان ملحدا لعله يؤمن..كان هناك سيد ضرير وعنده اربع بنات ، ياتي كل شهر ،فقد كان فقيرا معدما تكفل بعض اقاربي بمعيشته على ان يرد على بعض اسئلتهم واشكالاتهم الفقهية البسيطة، وكانت والدتي ترسل الاقمشة لبنات السيد قبل شقيقاتي ، وانتقدتها كثيرا” على ذلك وكانت ترد علي ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ، فقلت لها : لم ترسلي لهم القديم الرث حتى اجادلك ، ولكن الاقربون اولى بالمعروف والاختيار …قالت : ننفق ما نحب ، هو ان يكون الافضل لمن نكرمه…كنت ومنذ تخرجت في بيت لوحدي ،وكانت تصر ان اتناول ولو وجبة من طبخها ، وفي رمضان لا تفطر الا بعد ان افطر عندها ، وكان هذا يضايقني لاني لا اهتم للاكل كثيرا وكانت تطبخ وترسل لي ، ولا اتذكر انها اكلت معي او مع اشقائي ،بل تاكل بعد ان نشبع …عاشت في كثير من عمرها مريضة وماتت قبل ابيها بعشر سنين وكانت الخامسة في تسلسل اخوانها ولازال اخوالي احياء، رحمها الله ،تذكرتها وانا في اجواء من الخلافات مع الكثيرين واتذكر احاديثها: خلي امرك بيد الله ، لان ما يحدث لك من الله ، ولن يصيبك مكروه الا بقدرة الله ولن يحميك الا الله ، اتكل على الله ينصرك ، خلي عينك بعين الله ، لا تجزع و ربك معك ، لا تفرح بربح ليس فيه بركة الله ، ولا تجزع من خسارة قصدت فيها سبيل الله..لا تخشى احدا اذا كان الله ناصرك و وكيلك، فلا يخذل الله من ناصره….
رحم الله جميع امهاتنا ، فهن من اعاننا على فعل الخير و علمنا الفضيلة ..
اللهم اسألك المغفرة والرحمة لامهاتنا الذين لن ننساهن ما حيينا..
أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

آخر الأخبار