يا جسومة…البلد بها حكومة ..

تحياتنا الخالصة

لابد من القول باني مدين بالاعتذار الى احد الاصدقاء الاساتذة من السويد الذي طلب ترجمة مقالاتي في التعليم الى الانكليزية طلبا” لاحد اصدقاءه السويدين المختصين بعد ان قام صديقنا بترجمة احد المقالات السابقة اليه ، و اعتذر لزميلي واحد طلابي في الدكتوراه سابقا” الذي اشركني بمجموعة في امريكا وطلب مني الاشتراك بحوار حول تطوير اليات التعليم والمنهاج و وسائل تبادل المعلومات وهكذا الحال مع اخواننا في كندا واستراليا ..ولا يفوتني ان اشمل باعتذاري احد الاخوة الكتاب البصريين الذي نصحنا بجمع الاراء بكتيب ليسهل تداوله..ما يشفع لنا معكم ، اننا لم نهتم بتشخيص وايجاد الحلول الممكنة وبالوسائل المتاحة الا بعد ان غطسنا في غياهب الجب ولم يبقى بد من ان نتصدى لاصلاح الفساد في التعليم العالي كخطوة لاصلاح الحكومة والدولة وقد تعرضنا الى حرب ضروس جند الوزير السابق والاسبق كل الوزارة ضدنا..ليس من منهجنا طرح الافكار للتداول في المحافل بل للوقوف على مواضع الخلل في بلدنا المثخن بالجراح والغدر والتدخل والانفلات والفقر والجهل والمرض و الفساد والفوضى..التعليم منظومة انتاجية لها مدخلات محددة المعارف والقدرات مختلفة المستويات والتوجهات ، وتخرج مخرجات مختلفة المهن والمستويات و القدرات والتدريب و السلوكيات، لهذا هي لا تختلف عن الصناعة من حيث التوجه ، فالسيارة الالمانية واليابانية والامريكية والكورية والايرانية ووو ..تختلف من حيث المواصفات وان كان المنتج نفسه من حيث الاقتناء والاستخدام .والتعليم مثل كرة القدم فالفريق البرازيلي والارجيتني والالماني والانكليزي والبريطاني و الايطالي والكرواتي والقطري والعراقي وووو.. يلعبون بنفس الكرة وبنفس القوانين ولكن تختلف تقنيات اللعب ومهارات الفريق ولاعبيه واسلوب ادارته وتدريبه..كنا قد تعرضنا لانتقادات لاذعة من وزارة التربية في زمن محمد اقبال عندما انتقدنا الوزارة منهجا” وسلوكا” اداريا” ..التعليم الاساس او كما يسمى لدينا التعليم الابتدائي والثانوي يختلف من دولة لاخرى ، فالمانيا فيها مجاني مقيد يخضع لادارة الدولة ،يعد الطالب الى مستويات متقدمة في المهارات والمعارف الاساسية والسلوكية كمرحلة اعداد للدراسة المهنية او الدراسة الجامعية وهي تختلف عن الدراسة في امريكا او بريطانيا لوجود المدارس المتخصصة والخاصة ..وفي الوقت الذي تحرص اليابان في التعليم الاساس على دروس الاخلاق و القيم السلوكية الذي تكرس الانتماء للعائلة والاخلاص للوطن فانها تنمي قدرات الطلبة في تعلم المهارات الاساسية و البدء في المبادرة لاختيار مشاريع صغيرة او افكار معرفية ..في الدول الاسكندنافية يتركون للطالب مجال اكبر للتنافس و اجتياز المراحل و فرز الموهبة عبر الادارة اللصيقة للمعلم والمربي بينما تميزت فنلندا الى ترك حرية كبيرة للطالب لاختيار ما يتعلم مع جذب الطالب الى الدروس بالحافز الجمعي باللعب والمشاركة الفرقية للدرس واللعب و تحرص كثير من المدارس على تقليل الطلبة على اجهزة الكومبيوتر و الشاشات اللوحية ، بينما تعتمد كوريا الجنوبية على توزيع التابلت على كل طالب ليكون وسيلته للتعلم وتمرنه من الطفولة على استخدام اللوحة الذكية مثلما تعوده على مشاركة معلميه والادارة و المنظفين في تنظيف مدرسته يوميا”..قبل ٥ سنوات رافقت بنت شقيقي في بلجيكا في مدينة انتورب الى مدرستها يوم الاحد وهو يوم عطلة وكانت المدرسة قيد صيانة دورية و رايت ان المدرسة انظف واجمل و احسن من كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية الذي كنت استاذ فيها ، وعندما سألها المشرف على الصيانة عن سبب اطلاعي على المدرسة لاني لا اعرف الهولندية ( في بلجيكا ٣ مقاطعات و لغاتها هولندية والمانية وفرنسية ) قالت له : هو من العراق ،الاول في العالم في الخزين النفطي .قال المشرف : اكيد مدارسهم افضل من مدارسنا لانهم اثرياء اصحاب النفط..خرجت متألما وانا اعلم علم اليقين ان النقص في الابنية المدرسية اكثر من ٧٥٠٠ وان المدارس ثلاثية الدوام تجاوز ١٠٠٠ والمدارس ثنائية الدوام تجاوز ٦٥٠٠٠ وهناك اكثر من ١١٠٠ مدرسة متضررة نصفها ايل للسقوط..الاسوء ان الحكومة بداءت بمدارس التهجير و اللجوء والكوارث فهناك قرابة ٦٠٠ مدرسة كرفان و١٥٠ مدرسة طينية ( جمالي او صريفة)، اكثر من ٢٥٠٠ مدرسة بلا ماء و مشاكل في تاسيساتها الكهربائية و هناك اكثر من ٣٥٠٠ مدرسة بلا مرافق صحية ..اما الحديث عن المنهاج واخطائها و عبثية وفساد التغييرات فيها يكاد يكون عار في جبين كل السلطة ..في البلدان المتقدمة ليس هناك رسوب بل ترحيل بالاعتماد على ما اكتسبه الطالب من مهارات و ما امتلكه من قدرات و يبقى من يتخلف في طور الرعاية الشاملة حتى يلحق بزملائه بوقت واحد ،وعندما سئلت مشرفة اوربية عن ذلك ، قالت : عليك ان لا تكرس روح الانهزام وعقلية الخسارة عند النشء والطلبة وان تقنعهم ان في كل مبارة بامكانهم التعويض وتحقيق الهدف ولو بالوقت الضائع …
في حين تجاوز الراسبين لدينا في المرحلة الابتدائية ٨٦٠٠٠٠ طالب وفي المرحلة الثانوية ٦٧٠٠٠٠ طالب اي ان عدد الراسبين في التعليم الاساس يتجاوز المليون والنصف ، فلهذا قد لا نستغرب عندما تؤكد التقارير ان العراق بفعل قيادتنا الرشيدة ستكون بغضون ٢٠٤٠
بلد امي ( نسبة الامية الحقيقية تتجاوز ٧٥٪ )اي الشباب الذي لا يملك شهادة ثانوية …
عندما توفت طالبة بمدرسة ابتدائية بالمدائن بسبب بلك كهربائي و سلك ظاهر وانتقدت الوزارة ، رد الوزير : المدارس مسؤولية مجلس المحافظة ، وقال مجلس المحافظة : استلمنا التربية حديثا” ، قالت لي جسومة وهي فراشة في مدرسة قريبة لبيتي : لو بيدي انتل بالكهرباء الوزير وكل المسؤولين بالوزارة و بمجلس المحافظة حتى يدققون عل كهرباء المدارس..قلت لها: على كيفك يا جسومة ..البلد بيها حكومة…
لنا وللعراق الله المنتقم الجبار
أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

 

آخر الأخبار